لقد زين الشيطان لكثير من المسلمين الذين يوكلهم إخوانهم في دفع زكواتهم إلى الفقراء والمحتاجين أن يأخذوا منها بزعم أنهم من العاملينعليها فيقعوا في أكل أموال الناس بالباطل،وربما أخذوا النصيب الأوفر والحظ الأكبر، فضاعت حقوق المسلمين وإلى الله المشتكى. و(العاملين عليها) في قوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) التوبة 60 : هم الذين يتولون جمعها وإحصاءها وتوزيعهاعلى مستحقيها ، بتكليف ولي الأمر ، ويدخل في ذلك الكتبة والمحاسبون ونحوهم .
قال العلامة النووي رحمه الله في “المجموع” (6/165) : “قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رحمهم الله :إنْ كَانَ مُفَرِّقُ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ سَقَطَ نَصِيبُ الْعَامِلِ وَوَجَبَ
صَرْفُهَا إلَى الْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ الْبَاقِينَ إنْ وُجِدُوا, وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ مِنْهُمْ” اه . فدل بوضوح على أن الوكيل لا يسمى عاملا.
قال الامام ابن باز رحمه الله :“العاملون عليها هم العمال الذين يوكلهم ولي الأمر في جبايتها والسفر إلى البلدان التي عليها أهل الأموال حتى يجبوها منهم فهم
جُباتها وحفاظها والقائمون عليها ، يُعطوْن منها بقدر عملهم وتعبهم على ما يراه ولي الأمر“ “ فتاوى ابن باز” (14/14) .
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :“(وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) هم الذين أقامهم الإمام أي ولي الأمر لقبض الزكاة وتفريقها فيهم ، وهم عاملون عليها ، أي : لهم ولاية
عليها .وأما الوكيل الخاص لصاحب المال الذي يقول له : يا فلان خذ زكاتي ووزعها على الفقراء فليس من العاملين عليها لأن هذا وكيل فهو عامل فيها وليس عاملاً
عليها” “ نور على الدرب” (206/29) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل العاملين في الجمعية هل يعطون من أموال الزكاة ؟
فأجاب: “ العاملين إذا كانوا منصوبين من قبل الدولة “.
فقال السائل : لكن من الجمعية محاسب راتبه ما يكفيه ؟
فقال الشيخ :“ لا يمكن إلا من جهة الدولة؛ لأن العاملين عليها هم العاملون من قبل الدولة، من قبل ولي الأمر ، ولهذا جاء حرف الجر “عليها” ، ولم يقل
“فيها” ، إشارة إلى أنه لابد أن تكون لهم ولاية ، ولا ولاية لهم إلا إذا أنابهم ولي الأمر منابه “اه . “لقاء الباب المفتوح” (141/13)
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هنالك صندوق إقراض للراغبين في الزواج ، يرد إلى الصندوق بعض الزكاوات العامة وغير المخصصة ، هل يجوز الصرف من هذه الأموال رواتب للموظفين
العاملين في الصندوق ؟ فأجاب :” لا أرى أن يصرف من الزكاة للعاملين في ذلك ؛ لأنهم ليسوا من العاملين عليها ، وأما من الصدقات والتبرعات التي ليست بزكاة
فلا بأس” انتهى .“مجموع الفتاوى” (13/1577) .
فإذا تطوعت إحدى الجمعيات ، ونصبت بعض أفرادها لهذا العمل ، فهؤلاء العمال إما أن يتطوعوا بالعمل محتسبين ،أو تكون أرزاقهم من هذه الجمعية التي ينتسبون
إليها ، من أموالها ، أو مما يصلها من أموال التبرعات العامة وصدقات التطوع ونحوه ،
ولا يأخذون شيئا من أموال الزكاة على أنهم من العاملين عليها .
Visits: 507