هؤلاء يحفظون عليك أمرَ دينك – مهم جدًا

Home / العقيدة والمنهج / هؤلاء يحفظون عليك أمرَ دينك – مهم جدًا
هؤلاء يحفظون عليك أمرَ دينك – مهم جدًا
بسم الله الرحمن الرحيم 

إن من الصور الظاهرة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى العقيدة الصحيحة حرصه على دعوة الأطفال إليها وغرسه لها في قلوبهم قبل كل شيء بأسلوب واضح ومناسب وكذلك سار أصحابه  رضي الله عنهم  من بعده على هذا .

عن جندب بن عبد الله البجلي  رضي الله عنه  قال : ” كنا فتيانا حزاورة مع نبينا  صلى الله عليه وسلم  فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان ”  (رواه ابن ماجة والبيهقي في الشعب ) .  حَزَاوِرَة: جَمْع حَزْوَرٍ، وَيُقَال أَيْضا: حَزَوَّرٍ، وهو الغلام إِذا قَارَبَ الْبُلُوغَ.
فقوله : ” تعلمنا الايمان ” : أي تعلمنا العقيدة الصحيحة وعلى رأسها التوحيد الخالص الذي عليه  يقوم الدين ويستقيم العمل .
 
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : ” ولهذا دخل في معنى قوله : ” خيركم من تعلم القرآن وعلمه ” تعليم حروفه ومعانية جميعا بل تعلم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه وذلك هو الذي يزيد الإيمان كما قال جندب بن عبد الله : ( تعلمنا الايمان قبل أن نتعلم القرآن ….) الحديث “
 
 وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة ”  متفق عليه
 
قال الامام ابن تيمية : ” والأمانة هي الإيمان أنزلها في أصل قلوب الرجال “اه
 
ويقرر هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام ماتعٍ له ، ويستشهد لذلك  بآياتٍ من كتاب الله ، منها قوله تعالى : {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ} (17) سورة هود 
فالبينة من الله هي الإيمان ، والذي يتلوه هو شاهد القرآن .
وقوله تعالى : وفي آية النور {نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء} (35) النــور.
النور الأول هو نور الإيمان والذي يأتي بعده هو نور القرآن . (يعنى نور الايمان على نور القرآن )
 
إلى أنْ قال رحمه الله : ” ولهذا كان الإيمان بدون قراءة القرآن ينفع صاحبه ويدخل به الجنة ، والقرآن بلا إيمان لا ينفع في الآخرة بل صاحبه منافق ، كما فى الصحيحين عن أبى موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : “مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها “..) الحديث “اه
 
فلا شك أنَّ تعليم العقيدة رأس العلوم وأساسها ، فإذا تعلم الطفل العقيدة وغرست في قلبه وفق المنهج النبوي فالعبادات وسائر أحكام الدين تأتي تبعًا له . 
ثم إنًَ تعليم الأطفال وتنشئتهم على الاعتقاد الصحيح هو سبب حماية الأمة بإذن الله من الزيغ  والضلال ولذلك لما قال رجل للأعمش -سليمان بن مهران – (رحمه الله) هؤلاء الغلمان حولك ؟! 
قال : “ اسكت هؤلاء يحفظون عليك أمر دينك “.
 وما نراه من إهمال بعض الآباء تعليم أولادهم أمور دينهم وأهمها أمر العقيدة بحجة أنهم مازالوا صغار فإذا كبروا لم يستطيعوا تعليمهم.
كما أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله حيث قال : ( فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه, وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة, وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه, فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم, ولم ينفعوا آباءهم كباراً)
ولذا فمن الواجب على الأمة جمعاء وعلى الآباء والأمهات والمعلمين أن يسعو بجد لتقريب هذه العقيدة للناشئة خصوصاً في هذا الزمان الذي كثرة فيه فتن الشبهات وفتن الشهوات وكثر فيه دعاة الظلال وتنوعت أساليبهم ومناهجهم لذلك يجب على المربين والمصلحين أن يغرسوا في قلوبهم الناشئة حب هذه العقيدة والثبات عليها .
إنَّ الاهتمام بتعليم العقيدة للناس ودعوتهم لها  ولاسيما الصغار هو منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمصلحين من بعدهم ومن ذلك قوله تعالى عن نوح في دعوته لولده وتحذيره من مصاحبة أهل الضلال ( يَا بَنِيَّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) وكذلك يقول تعالى عن إبراهيم حين وصى بها أبناءه (ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ) وفي أول وصايا لقمان لأبنه تحذيره له  من الشرك قال تعالى (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )  وهذا نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم  يوصي ابن عباس رضي الله عنهما فيقول ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ……….. ).   
يقول الإمام ابن القيم (رحمه الله) في تحفة المولود عن الأطفال : (فاذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا ).
والحمد لله رب العالمين .

Visits: 385