روى ابن ماجة في سننه عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) صححه الألباني في “صحيح ابن ماجة” .
وقال الحافظ في الفتح (5/161) : ” وَهُوَ حَدِيث جَلِيل , قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ نِصْف الْإِسْلَام , لأنَّ الْفِعْل إِمَّا عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ أَوْ لَا , الثَّانِي مَا يَقَعُ عَنْ خَطَأٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إِكْرَاهٍ فَهَذَا الْقِسْم مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ : هَلْ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ الْإِثْم أَوْ الْحُكْم أَوْ هُمَا مَعًا ؟ وَظَاهِر الْحَدِيث الْأَخِير , وَمَا خَرَجَ عَنْهُ كَالْقَتْلِ فَلَهُ دَلِيل مُنْفَصِل ” انتهى .
فالمكلّف معذوراً بجهله ، إن ترك شرطاً من شروط صحة الصلاة ، أو ترك ركناً من أركانها : فليس عليه قضاء ما خرج وقته من الصلوات ، وعليه قضاء الصلاة التي يبلغه فيها العلم قبل خروج وقتها ، ودليل ذلك :
أ. في ترك الشرط جهلاً به : فهو ما وقع لعمر بن الخطاب في تركه للصلوات لما أجنب ؛ ظانّاً عدم جوازه ، والحديث في الصحيحين ، فلم يأمره النبي عليه الصلاة والسلام بإعادة الصلوات التي تركها .
ب. في ترك شيء من أركان الصلاة جهلاً بها : فهو ما وقع للصحابي الذي ترك الطمأنينة في الأركان ، فحكم النبي صلى الله عليه وسلم على صلاته بالبطلان ، ولم يأمره إلا بإعادة الصلاة نفسها ، دون ما سبقها من صلوات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :” من كان يصلي بلا طمأنينة ولا يعلم أنها واجبة : فهذا قد اختلفوا فيه : هل عليه الإعادة بعد خروج الوقت أو لا ؟ على قولين معروفين ، وهما قولان في مذهب أحمد وغيره .
والصحيح : أن مثل هذا لا إعادة عليه ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته : ( اذْهَبْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ ) – مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا – فَقَالَ : ” وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي مَا يَجْزِينِي فِي صَلَاتِي ” ، فعلَّمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بالطمأنينة – متفق عليه – ،ولم يأمره بإعادة ما مضى قبل ذلك الوقت مع قوله : ” وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا ” ولكن أمره أن يعيد تلك الصلاة ؛ لأن وقتها باق ،
والصحيح : أن مثل هذا لا إعادة عليه ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته : ( اذْهَبْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ ) – مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا – فَقَالَ : ” وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي مَا يَجْزِينِي فِي صَلَاتِي ” ، فعلَّمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بالطمأنينة – متفق عليه – ،ولم يأمره بإعادة ما مضى قبل ذلك الوقت مع قوله : ” وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا ” ولكن أمره أن يعيد تلك الصلاة ؛ لأن وقتها باق ،
فهو مأمور بها أن يصليها في وقتها ، وأما ما خرج وقته من الصلاة : فلم يأمره بإعادته مع كونه قد ترك بعض واجباته ؛ لأنه لم يكن يعرف وجوب ذلك عليه ،
وكذلك لم يأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقضي ما تركه من الصلاة لأجل الجنابة ؛ لأنه لم يكن يعرف أنه يجوز الصلاة بالتيمم ، وكذلك المستحاضة قالت له : “إني أستحاض حيضة شديدة منكرة تمنعني الصوم والصلاة ” فأمرها أن تتوضأ لكل صلاة ، ولم يأمرها بقضاء ما تركته ، وكذلك الذين أكلوا في رمضان حتى تبين لأحدهم الحبال البيض من الحبال السود ، أكلوا بعد طلوع الفجر ولم يأمرهم بالإعادة ، فهؤلاء كانوا جهالا بالوجوب ، فلم يأمرهم بقضاء ما تركوه في حال الجهل ، كما لا يؤمر الكافر بقضاء ما تركه في حال كفره وجاهليته ؛ بخلاف من كان قد علم الوجوب وترك الواجب نسيانا ، فهذا أمره به إذا ذكره ” .انتهى من” مجموع الفتاوى ” (21 /429 – 431) .
وقال أيضا شيخ الاسلام ابن تيمية : ” وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي مَن يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة ، بل إذا قيل للمرأة : صلِّي ، تقول : حتى أكبر وأصير عجوزة ! ظانَّة أنه لا يخاطَب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة كالعجوز ونحوها ، وفي أتباع الشيوخ ( أي من الصوفية ) طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم ، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل : كانوا كفَّاراً أو كانوا معذورين بالجهل … ” مجموع الفتاوى ” ( 22 / 101 ، 102 ) .
Visits: 8591