يا أيها الناس….. لنفترض أنَّ حكام المسلمين قد بلغوا من الظلم والفسوق والطغيان ما بلغ الحجاج بن يوسف الثقفي – المبير- كما جاء في الحديث – فهل يجب على الرعية السمع والطاعة لهم (في غير معصية الله) أم يجوز الطعن فيهم وتحريض الرعية والخروج عليهم ؟
سؤال قد أجاب عنه الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة صحيحة صريحة لا ينكرها الا جاهل ولا يتنكب عنها الا ضال – صاحب هوى- يقدم هواه وعقله الرديء على طاعة الله ورسوله.ومنها (للمثال لا للحصر ) :
-حديث وائل بن حجر قال : سأل سلمةُ بنُ يزيد الجعفيُّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فقال : يا نبيَّ اللهِ ! أرأيتَ إن قامت علينا أمراءُ يسألونا حقَّهم ويمنعونا حقَّنا ، فما تأمرنا ؟ فأعرض عنه . ثم سأله فأعرض عنه . ثم سأله في الثانيةِ أو في الثالثةِ فجذبَه الأشعثُ بنُ قَيسٍ . وقال عليه الصلاة والسلام ( اسمَعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتُم ) رواه مسلم (1846).
-حديث ابن مسعود . قال عليه الصلاة والسلام : “إنكم ستروْنَ بعدي أَثَرَةً وأمورًا تُنكرونها “. قالوا : فما تأمُرُنا يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ” أدُّوا إليهم حقَّهم ، وسَلُوا اللهَ حقَّكم ” رواه البخاري ( 7052).
-حديث حذيفة . قال عليه الصلاة والسلام : ” يكون بعدي أئمةٌ لا يهتدون بهدايَ ، ولا يستنُّون بسُنَّتي . وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطينِ في جُثمانِ إنسٍ ” قال قلتُ : كيف أصنعُ ؟ يا رسولَ اللهِ ! إن أدركت ُذلك ؟
قال ( تسمعُ وتطيع للأميرِ…..) رواه مسلم (1847)
وقد يظن الكثير ممن قل فهمه وكانت الدنيا هَمَّه وفتت الحزبية عزمه أن السمع والطاعة للحاكم الظالم الفاسق من أجل درء الفتن والقلاقل وكذلك حقنا للدماء وتسكينا للدهماء دنيَّة ومذلّة.
ولكن الامر ليس كذلك بل هو سنةٌ واجبة وطاعةٌ لله ورسوله ولن يضيَّع الله تعالى من يطيعه كما جاء في الصحيحين عن ابي وائل – شقيق ابن سلمة – قال : كُنَّا بصِفِّينَ ، فقام سهلُ بنُ حنيفٍ فقال : أيها الناسُ اتَّهموا أنفسكم ، فإنَّا كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ الحديبيةِ ، ولو نرى قتالًا لقاتلنا ، فجاء عمرُ بنُ الخطابِ فقال : يا رسولَ اللهِ ، ألسنا على الحقِّ وهم على الباطلِ ؟ فقال : ( بلى ) . فقال : أليس قتلانا في الجنةِ وقتلاهم في النارِ ؟ قال : ( بلى ) . قال : فعلامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِيننا ، أنرجعُ ولمَّا يحكمُ اللهُ بيننا وبينهم ؟ فقال : ( يا ابنَ الخطابِ ، إني رسولُ اللهِ ولن يُضَيِّعَنِي اللهُ أبدًا ) .
فانطلقَ عمرُ إلى أبي بكرٍ فقال لهُ مثلَ ما قال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقال : إنَّهُ رسولُ اللهِ ولن يُضَ يِّعَهُ اللهُ أبدًا ، فنزلت سورةُ الفتحِ ، فقرأها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على عمرَ إلى آخرها ، فقال عمرُ :يا رسولَ اللهِ ، أَوَ فتحٌ هوَ ؟ قال : ( نعم ) .
فاحذوا ايها الناس من رد النصوص بعقولكم واعلموا أن أول من قاس هو ابليس حين أمر بالسجود لادم عليه السلام رد أمر الله تعالى بعقله .قال : “أأسجد لمن خلقت طينا؟!! ” وهؤلاء أيضا يقولون : “أنسمع ونطيع لهذا الظالم الفاسق الذي فعل وفعل..؟؟! ” وكأنهم لم يعلموا ان الذي أمرهم بهذا رسول الله عليه الصلاة والسلام فأعرضوا عن سنته فكانوا من الضالين كما أعرض أبليس عن طاعة ربه فقال تعالى مخبرا من مصيره : ” أبى واستكبر وكان من الكافرين ”
واستمسكوا بوصية سهل بن حنيف رضي الله وعضوا عليها بالنواجذ كما جاء في الصحيحين : ” يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم لرددته..”.
Visits: 321