يصح العقد دون تسمية المهر ، لكن إنْ حصل القبول والايجاب في مجلس الخِطبة ففيه تفصيل

Home / الفقه / يصح العقد دون تسمية المهر ، لكن إنْ حصل القبول والايجاب في مجلس الخِطبة ففيه تفصيل
يصح العقد دون تسمية المهر ، لكن إنْ حصل القبول والايجاب في مجلس الخِطبة ففيه تفصيل
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا :
نكاح التفويض (دون تسمية المهر ) جائز وتستحق الزوجة مهر المثل .
فقد روى أبو داود في سننه عن عقبة بن عامر : أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قالَ لرجلٍ :” أترضى أن أزوِّجَكَ فلانةَ  ” قالَ  ” نعَم ” . وقالَ للمرأةِ : ” أترضينَ أن أزوِّجَكِ فلانًا ” . قالت : “ نعَم ” فزوَّجَ أحدَهما صاحبَهُ فدخلَ بِها الرَّجلُ ولم يفرض لَها صداقًا ولم يعطِها شيئًا وَكانَ مِمَّن شَهدَ الحديبيةَ وَكانَ من شَهدَ الحديبيةَ لَهُ سَهمٌ بخيبرَ فلمَّا حضرتْهُ الوفاةُ قالَ إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ زوَّجني فلانةَ ولم أفرِض لَها صداقًا ولم أعطِها شيئًا وإنِّي أشْهدُكم أنِّي أعطيتُها من صداقِها سَهمي بخيبرَ فأخذَت سَهمًا فباعتْهُ بمائةِ ألفٍ. ” صححه الالباني
قال ابن القيم في ” الزاد “ : ” وقد تضمَّنت هذه الأحكام جوازَ النكاح مِن غير تسمية صداق، وجوازَ الدخول قبل التسمية، واستقرارَ مهر المثل بالموت، وإن لم يدخُلْ بها، ووجوبَ عِدة الوفاةِ بالموت، وإن لم يدخُلْ بها الزوج..” اه
وروى الترمذي في جامعه وأحمد في مسنده وغيرهما عن علقمة بن قيس النخعي عَن ابنِ مسعودٍ أنَّهُ سُئِلَ : ” عن رجُلٍ تزوَّجَ امرأةً ، ولم يفرِضْ لَها صداقًا ولم يَدخُلْ بِها حتَّى ماتَ ؟ “ .
فقالَ ابنُ مَسعودٍ: لَها مثلُ صَداقِ نسائِها ، لا وَكْسَ ، ولا شَططَ ، وعلَيها العدَّةُ ، ولَها الميراثُ ،
فقامَ مَعقلُ بنُ سنانٍ الأشجعيُّ ، فقالَ: ” قَضى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في بَرْوَعَ بنتِ واشقٍ امرأةٍ منَّا مثلَ ما قضَيتَ ” ، ففرحَ بِها ابنُ مَسعودٍ ..” صححه الالباني وأحمد شاكر
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (7/182) : ” النكاح يصح من غير تسمية صداق , في قول عامة أهل العلم . وقد دل على هذا قول الله تعالى : (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) البقرة/236 ” اه
فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد. ولكن يستحب أن لا يعرى النكاح عن تسمية الصداق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزوج بناته وغيرهن، ويتزوج ولم يكن يخلي النكاح من صداق.
الخلاصة :
النكاح بلا مهر يسمى نكاح التفويض ، وهو نوعان :
الأول : تفويض البُضع بأن يزوج الرجل ابنته بلا مهر ، فيقول زوجتك ابنتي ويقول الخطاب : قبلت ، دون أن يذكرا المهر.
والثاني : تفويض المهر ، وهو أن يذكرا المهر دون تحديد قدره ، كأن يقول الخاطب للولي : أدفعُ ما تريده من المهر ، أو يقول الولي للخاطب : ادفع ما تراه ، ونحو ذلك . ويثبت للزوجة مهر المثل في كلا التفويضين .
ومهر المثل يحدده القاضي ، منعاً للنزاع ، فإن تراضيا على شيء دون الرجوع للقاضي ، فلا حرج في ذلك ، لأن الحق لهما .
ثانيا :
الايجاب والقبول الحاصلان في مجلس الخطبة بين الطرفين وعد أم عقد ؟ فيل تفصيل
إن حصل الإيجاب والقبول في الخطبة ، وتواعدا على العقد فيما بعد ، فلا ينعقد النكاح إلا عند العقد ؛ لأن هذا كالتصريح بأن ما تم في الخطبة ليس عقدا .
وإن حصل الإيجاب والقبول في الخطبة ، ولم يتواعدا على العقد فيما بعد ولم يذكراه ، فهنا يرجع إلى العادة عندهم : فإن جرت العادة بأن هذا وعد وتوطئة للعقد وليست عقدا ، فإن النكاح لا ينعقد بذلك .                     وإن جرت العادة بأن هذا عقد ، فهو عقد .

قال العلامة التاودي في شرح  ” تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام” (1/ 155) : ”  إن كانت العادة أن الخطبة والإجابة بالقبول عقد , ولو ممن ناب عن الزوج والولي وعلم الزوج والزوجة ورضيا به فالظاهر انعقاد النكاح بذلك وترتب أحكامه عليه , وإن كانت العادة أن ذلك مجرد قبول وسكوت أو وعد فلا  .والله أعلم “.اه

قال شيخ الإسلام ابنِ تيمية رحمه الله: «وينعقد النكاحُ بما عَدَّهُ الناسُ نكاحًا بأيِّ لغةٍ ولفظٍ كان، ومثلُه كلُّ عقدٍ»اه  الاختيارات الفقهية (١١٩).

ومعلوم في عُرفنا أن مجرد الخطبة وطلب يد المرأة من أهلها وموافقتهم على الطلب لا يعد نكاحا، ولا تصير به المرأة زوجة للخاطب ، وما يحصل في مجلس الخِطبة لا يعدو كونه طلباً من الخاطب، ووعداً من أولياء المخطوبة، وبذلك يتمّ الإيجاب والقبول على الخِطبة وليس الزواج!

والله أعلم والحمد لله رب العالمين

Visits: 744