بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ أَصْلَ مَسْأَلَةِ ضَمَانِ الطبيب للخطأ – أو العمد – في علاجه للمريض في السنَّة النبوية ، هو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ )رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وفي إسناده كلام ، وحسَّنه الألباني
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله : ” وقوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ تَطَبَّبَ) ولم يقل : “من طبَّ” ؛ لأن لفظ التفعُّل يدل على تكلف الشيء ، والدخول فيه بعسر ، وكلفة ، وأنه ليس من أهله .
قال الخطابي : ” لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدَّى فتلف المريض كان ضامناً ، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه : متعدٍّ ، فإذا تولد من فعله التلف : ضمن الدية ، وسقط عنه القَوَد [القصاص] ؛ لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض” انتهى .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :” أما إذا لم يكن حاذقاً : فلا يحل له مباشرة العملية ، بل يحرم ، فإن أجراها : ضمن ما أخطأ فيه وسرايته” “فتاوى اللجنة الدائمة” (24/4000) .
وهذا الضمان من الطبيب الجاهل المتعدي يكون حيث لا يعلم المريض أن الطبيب يجهل الطب والعلاج ، فإن علِم أنه جاهل ورضي به معالِجاً : سقط حقه ، ولم يضمن الطبيب، مع استحقاقهما للتعزير .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :” إن كان المريض يعلم منه أنه جاهل لا علم له بالطب ، وأذن له في معالجته مقدماً على ما يحصل منه ، وهو بالغ ، عاقل : فلا ضمان على الطبيب في هذه الحالة . “
وهذا الضمان من الطبيب الجاهل المتعدي يكون حيث لا يعلم المريض أن الطبيب يجهل الطب والعلاج ، فإن علِم أنه جاهل ورضي به معالِجاً : سقط حقه ، ولم يضمن الطبيب، مع استحقاقهما للتعزير .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :” إن كان المريض يعلم منه أنه جاهل لا علم له بالطب ، وأذن له في معالجته مقدماً على ما يحصل منه ، وهو بالغ ، عاقل : فلا ضمان على الطبيب في هذه الحالة . “
ويضمن الطبيب الماهر إذا أخطأت يده فأتلفت عضواً صحيحاً ، أو مات المريض بسبب ذلك الخطأ .
قال ابن المنذر في ” الإجماع ” ( 74 ):” وأجمعوا على أن قطع الخاتن إذا أخطأ ، فقطع الذَّكر ، والحشفة ، أو بعضها : فعليه ما أخطأ به ، يعقله عنه العاقلة .“
* العاقلة ، هي ما يسمى الآن “العائلة” ، والمراد هنا : الأقارب الذكور الذين ينتسبون إلى نفس العائلة ، كالأب والجد والابن والإخوة والأعمام وأبنائهم .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :” وكذا إن كان حاذقاً ، لكن جنت يده ، بأن تجاوزت ما تحتاج إليه العملية ، أو أجراها بآلة كالة يكثر ألمها ، أو في وقت لا يصلح عملها فيه ، أو أجراها في غيرها ، ونحو ذلك : ضمن ما أخطأ فيه ، وسرايته ؛ لأن هذا فعل غير مأذون فيه ، بل محرم . “فتاوى اللجنة الدائمة” (24/400 ، 401) .
كما يضمن الطبيب الماهر الذي فعل ما لا يفعله غيره من أهل الاختصاص وهو الطبيب الذي يتجاوز الحدود المعتبرة عند أهل الطب ، أو يقصِّر في التشخيص .
فإذا أخطأ الطبيب نتيجة عدم الترامه بالأصول الطبية كأن يشخص الطبيب المرض، ويصف للمريض الدواء فيتبين أن المرض غير ما شخص، وأن الدواء غير ما وصف، أو زاد في الدواء أكثر من المطلوب، أوقام بتخدير المريض بدون إجراء الفحوصات اللازمة أو عدم اختيار المادة المناسبة من المخدر لحالة المريض أو زاد في جرعة المخدر دون تحقق قدرة المريض على تحملها أو عدم اختيار الطريقة المناسبة في التخدير لحالة المريض، أو وضع المادة المخدرة في غير الموضع الذي يجب وضع تلك المادة فيه من جسم المريض أو لم يجري التنظيفات، والتعقيمات اللازمة داخلياً وخارجياً في العمليات الجراحية، أو لم يقم بإجراء التحليلات اللازمة قبل إجراء الجراحة، أو عدم متابعة المريض أثناء إجراء العملية الجراحية
ومن الأمثلة التي ذكرها الفقهاء – رحمهم الله تعالى – في مخالفة الأصول الطبية كأن يقلع سناً لا يلزم قلعه، أو قطع ما لا ضرورة لقطعه، أو ختن الجراح في وقت غير مناسب كحر أو برد شديدين، أو بآلة كاله.
ففي هذه الأمثلة وغيرها إذا نتج عن ذلك تلف للنفس أو ما دونها فإن الطبيب يضمن الضرر الناشئ عن تطبيبه .
ويعزر إذا كان خروجه عن الأصول الطبية على وجه الإهمال والتقصير من جهة أنه أخل بالواجب الذي ينبغي عليه القيام به
قال الإمام الشافعي رحمه الله : ” وإذا أمر الرجل أن يحجمه ، أو يختن غلامه , أو يبيطر دابته ، فتلفوا من فعله : فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بالصناعة : فلا ضمان عليه ، وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح ، وكان عالماً به : فهو ضامن ” . “الأم” (6/166) .
والله أعلم ، الحمد لله رب العالمين .
Visits: 306