من الاحاديث التي يتداولها العوام وكثيرا ما نسمعه على المنابر: أن رجلاً كان يتعبد في المسجد ليل نهار وله أخ ينفق عليه ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : من ينفق عليك ؟ قال : أخي . قال : أخوك أعبد منك .
وهذا الحديث باطل لا أصل له في شيء من كتب السنة المعتبرة فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل الواجب تحذير الناس من ذلك ، وتنبيههم إلى وجوب التحري عند نشر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .
وصح عن النبي عليه الصلاة والسلام ما رواه الامام الترمذي في جامعه:
قال: ”حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال : ” كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم والأخر يحترف فشكى المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له :“لعلك ترزق به“.
قال المباركفوري في “تحفة الاحوذي ” شرح سنن الترمذي: يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- أي لطلب العلم والمعرفة ( والآخر يحترف ) أي يكتسب أسباب المعيشة فكأنهما كانا يأكلان معا ( فشكا المحترف ) أي في عدم مساعدة أخيه إياه في حرفته وفي كسب آخر لمعيشته ( فقال : ترزق به ) بصيغة المجهول أي أرجو وأخاف أنك مرزوق ببركته ؛ لأنه مرزوق بحرفتك فلا تمنن عليه بصنعتك” انتهى
قال الطيبي : ومعنى لعل في قوله : لعلك ، يجوز أن يرجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيفيد القطع والتوبيخ ، كما ورد:” فهل ترزقون إلا بضعفائكم“ وأن يرجع إلى المخاطب ليبعثه على التفكر والتأمل فينتصف من نفسه ، انتهى .
ولتعلموا جيدا أن طلب العلم الشرعي يعد من أعظم العبادات ، فطالب العلم سيحيي الله على يده أمة كاملة أماتها الجهل .
قال العلامه ابن عثيمين رحمه الله:
“ولهذا نرى أن طلب العلم – الشرعي- اليوم أفضل الأعمال المتعدية للخلق” انتهى.
والمقصود بالعلم أي العلم الموروث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وما كان عليه الصحابه رضوان الله عليهم في العقيده والمنهج والاحكام الخالي من الانحرافات والبدع والضلالات.
ومع هذا لا نقول لا تعملوا ومن قال هذا فقد عارض الأحاديث النبوية التي تحث على الكسب الحلال وكسب اليد فعن المقدام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ” ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ”
Visits: 7686