قال ابن القيم رحمة الله : " وَأمّا تَغْرِيمُ المالِ - وهو العُقُوبَةُ المالِيَّةُ - فَشَرَعَها في مَواضِعَ: مِنها تَحْرِيقُ مَتاعِ الغالِّ مِن الغَنِيمَةِ، ومِنها حِرْمانُ سَهْمِهِ، ومِنها إضْعافُ الغُرْمِ عَلى سارِقِ الثِّمارِ المُعَلَّقَةِ، ومِنها إضْعافُهُ عَلى كاتِمِ الضّالَّةِ المُلْتَقَطَةِ، ومِنها أخْذُ شَطْرِ مالِ مانِعِ الزَّكاةِ، ومِنها عَزْمُهُ ﷺ عَلى تَحْرِيقِ دُورِ مَن لا يُصَلِّي في الجَماعَةِ لَوْلا ما مَنَعَهُ مِن إنْفاذِهِ ما عَزَمَ عَلَيْهِ مِن كَوْنِ الذُّرِّيَّةِ والنِّساءِ فِيها فَتَتَعَدّى العُقُوبَةُ إلى غَيْرِ الجانِي، وذَلِكَ لا يَجُوزُ كَما لا يَجُوزُ عُقُوبَةُ الحامِلِ، ومِنها عُقُوبَةُ مَن أساءَ عَلى الأمِيرِ في الغَزْوِ بِحِرْمانِ سَلَبِ القَتِيلِ لِمَن قَتَلَهُ، حَيْثُ شَفَعَ فِيهِ هَذا المُسِيءُ، وأمَرَ الأمِيرُ ...
عن يحيى بنُ يحيى قال: «كنتُ عند سفيانَ بنِ عُيَيْنةَ إذ جاء رجلٌ فقال: «يا أبا محمَّدٍ، أشكو إليك مِنْ فلانة ـ يعني امرأتَه ـ أنا أذلُّ الأشياءِ عندها وأحقرُها»، فأَطرقَ سفيانُ مليًّا ثمَّ رفَعَ رأسَه فقال: «لعلَّك رغِبْتَ إليها لتزدادَ عِزًّا»، فقال: «نعم يا أبا محمَّدٍ»، قال: «مَنْ ذهَبَ إلى العِزِّ ابتُلِيَ بالذُّلِّ، ومَنْ ذهَبَ إلى المال ابتُلِيَ بالفقر، ومَنْ ذهَبَ إلى الدِّين يجمع اللهُ له العِزَّ والمالَ مع الدِّين»، ثمَّ أنشأ يحدِّثُه فقال: «كُنَّا إخوةً أربعةً: محمَّدٌ وعِمرانُ وإبراهيمُ وأنا، فمحمَّدٌ أكبرُنا، وعمرانُ أصغرُنا، وكنتُ أوسطَهم، فلمَّا أراد محمَّدٌ أَنْ يتزوَّج رغِبَ في الحسب، فتزوَّج مَنْ هي أكبرُ منه حسَبًا، ...
قال علامة بلاد المغرب محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله: "…وضعت حاشية على كتاب كشف الشبهات لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وطبعتها ونشرتها, ولكني استعملت في ذكر اسمه ما يسمى في مصطلح الحديث بتدليس الشيوخ, وهو جائز بل مستحسن إذا أريد به الإصلاح, وذلك أن الشيخ يكون له اسمان اشتهر بأحدهما ولم يشتهر بالآخر فيذكره الراوي عنه بالاسم الذي لم يشتهر به لمصلحة في ذلك, أما إذا فعل ذلك ليوهم الناس علو سنده وترفعه عن الرواية عنه ليوهم الناس أنه لا يتنزل للرواية عن مثله لصغر سنه أو عدم شهرته وغير ذلك من حظوظ النفس الأمارة فهو مذموم, وقد سميت الشيخ ...
يقول الامام ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى : ” فإنني إذا كنت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حزبه، متبعاً لسنته، ما أبالي من خالفني، ولا من خالف فيّ، ولا أستوحش لفراق من فارقني، وإنني لمعتقد أن الخلق كلهم لو خالفوا السنة وتركوها، وعادوني من أجلها، لما ازددت لها إلا لزوماً، ولا بها إلا اغتباطاً إن وفقني الله لذلك، فإن الأمور كلها بيديه، وقلوب العباد بين أَصْبُعيه” . وقال أيضاً: ” فمن أحب النجاة غداً، والمصاحبة لأئمة الهدى والسلامة من طريق الردى، فعليه بكتاب الله، فليعمل بما فيه، وليتبع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصحابته، فلينظر ...
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : " ثم اعلم أن من أهم ما يكون لطالب العلم أن يعرف القواعد والأصول لأنها هي التي تجمع له العلم أما معرفة المسائل مفردة فهذه لا تنفع إلا قليلا وسرعان ما ينساها المرء وكونه يعرف مسألة معينة هذا حلال وهذا حرام وهذا واجب وهذا مكروه لا شك أنه نافع لكنه ليس من شأن طالب العلم بل هذا من شأن غيره الذي يخبر عن حكم هذه المسألة . فينبغي أن يكون عند طالب العلم حصيلة من القواعد والأصول التي يبني عليها حتى إذا سئل عن أي مسألة ردها إلى هذه القاعدة العامة. لذلك أحث طلبة العلم ...
قال الامام ابنُ القيِّمِ ـ رحمه الله ـ: «لا قولَ مع قولِ الله وقولِ الرسول، ولا بُدَّ من أمرين أحدُهما أعظمُ من الآخَرِ، الأول : وهو النصيحةُ لله ولرسوله وكتابِه ودينِه، وتنزيهُه عن الأقوال الباطلةِ المناقِضَةِ لِما بعث اللهُ به رسولَه من الهدى والبيِّناتِ التي هي خلافُ الحكمةِ والمصلحةِ والرحمةِ والعدلِ وبيانُ نفيِها عنِ الدِّينِ وإخراجِها منه وإن أدخلها فيه من أدخلها بنوعِ تأويلٍ. والثاني: معرفةُ فضلِ أئمَّة الإسلام ومقاديرِهم وحقوقِهم ومراتبِهم وأنَّ فضْلَهم وعلْمَهم ونصْحَهم لله ورسولِه لا يُوجِبُ قَبولَ كلِّ ما قالوه، وما وقع في فتاويهم من المسائلِ التي خَفِيَ عليهم فيها ما جاء به الرسولُ فقالوا بمبلغِ علْمِهم والحقُّ في خلافِها لا يُوجِبُ اطِّراحَ ...
قال الحافظ ابن رجب :«وقد فُتن كثيرٌ مِن المتأخِّرين بهذا فظنُّوا أنَّ مَن كثر كلامُه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلمُ ممَّن ليس كذلك، وهذا جهلٌ محضٌ، وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكرٍ وعمر وعليٍّ ومعاذٍ وابن مسعودٍ وزيد بن ثابتٍ كيف كانوا؟ كلامهم أقلُّ مِن كلام ابن عبَّاسٍ وهم أعلمُ منه، وكذلك كلام التابعين أكثرُ مِن كلام الصحابة والصحابةُ أعلمُ منهم، وكذلك تابِعو التابعين كلامُهم أكثرُ مِن كلام التابعين والتابعون أعلمُ منهم، فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال، ولكنَّه نورٌ يقذف في القلب يفهم به العبد الحقَّ ويميِّز به بينه وبين الباطل، ويعبِّر عن ذلك بعباراتٍ وجيزةٍ محصِّلةٍ للمقاصد».[«فضل علم ...
قال الشيخ العربي التبسِّي: «وإن تعجب فعجبٌ أمرُ هؤلاء الذين يُريدون مِن علماء الدِّين أن يُذعنوا لأباطيلهم ويطأطئوا رؤوسَهم أمام عظمة أهوائهم، وما ضمَّتها من عفوناتِ ما يلقيه الشيطانُ عليهم رغم تعاليم الدين الذي يلعن مَن يكتم مِن الدين المنزَّل على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم شيئًا، وكأنَّ هؤلاء لم يعلموا أنَّنا لم نكتب ما كتَبْنا وما كتبه إخوانُنا مِن أهل الدين والبصيرة النافذة لقضاء شهوةٍ من الشهوات أو طلبِ دخلٍ من الدخول أو لنيل حظٍّ من الحظوظ، وأنَّ الله يعلم والمسلمين يعلمون أنه لولا أنَّ الله تعالى أَمَرنا بأن نبلِّغ هذا الدينَ كما أَخَذْناه لا ننقص ولا نزيد، ولولا أنَّنا نزحزح أنفسَنا ...
قال الامام ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد - كتاب الطب" : " السابع عشر: أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها، وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان، فإن انفعال البدن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود، والطبيب إذا كان عارفا بأمراض القلب والروح وعلاجهما، كان هو الطبيب الكامل، والذي لا خبرة له بذلك و إن كان حاذقا في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب. وكل طبيب لا يداوي العليل، بتفقد قلبه وصلاحه، وتقوية روحه وقواه بالصدقة، وفعل الخير، والإحسان، والإقبال على اللّه والدار الآخرة، فليس بطبيب، بل متطبب قاصر. ومن أعظم علاجات المرض فعل الخير والإحسان والذكر والدعاء، والتضرع والابتهال إلى ...
Visits: 1651