أَسْرَارُ ولطائف تَقْدِيمِ ” إِيَّاكَ نَعْبُدُ ” عَلَى ” إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

Home / التفسير / أَسْرَارُ ولطائف تَقْدِيمِ ” إِيَّاكَ نَعْبُدُ ” عَلَى ” إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
أَسْرَارُ ولطائف تَقْدِيمِ ” إِيَّاكَ نَعْبُدُ ” عَلَى ” إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
” 1-  تَقْدِيمِ الْغَايَاتِ عَلَى الْوَسَائِلِ ، إِذِ ” الْعِبَادَةُ ” غَايَةُ الْعِبَادِ الَّتِي خُلِقُوا لَهَا ، وَ ” الِاسْتِعَانَةُ ” وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا .
 
2- وَلِأَنَّ “ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ” مُتَعَلِّقٌ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَاسْمِهِ ” اللَّهِ ” ” وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ” مُتَعَلِّقٌ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَاسْمِهِ ” الرَّبِّ ” 
فَقَدَّمَ ” إِيَّاكَ نَعْبُدُ ” عَلَى “ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ “ كَمَا قَدَّمَ اسْمَ ” اللَّهِ ” عَلَى ” الرَّبِّ ” فِي أَوَّلِ الْسُورَةِ .
 
3- وَلِأَنَّ ” إِيَّاكَ نَعْبُدُ ” قَسْمُ ” الرَّبِّ “ ، فَكَانَ مِنَ الشَّطْرِ الْأَوَّلِ ، الَّذِي هُوَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، لِكَوْنِهِ أَوْلَى بِهِ ،
 وَ” إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ” قَسْمُ الْعَبْدِ ، فَكَانَ مِنَ الشَّطْرِ الَّذِي لَهُ ، وَهُوَ ” اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ” إِلَى آخِرِ السُّورَةِ . 
 
4- وَلِأَنَّ ” الْعِبَادَةَ ” الْمُطْلَقَةَ تَتَضَمَّنُ ” الِاسْتِعَانَةُ ” مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ ، فَكُلُّ عَابِدٍ لِلَّهِ عُبُودِيَّةً تَامَّةً مُسْتَعِينٌ بِهِ وَلَا يَنْعَكِسُ ، لأن صَاحِبَ الْأَغْرَاضِ وَالشَّهَوَاتِ قَدْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى شَهَوَاتِهِ ، فَكَانَتِ الْعِبَادَةُ أَكْمَلَ وَأَتَمَّ ، وَلِهَذَا كَانَتْ قَسْمَ الرَّبِّ . 

5- وَلِأَنَّ ” الِاسْتِعَانَةَ ” جُزْءٌ مِنِ ” الْعِبَادَةِ ” مِنْ غَيْرٍ عَكْسٍ ، 
 
6- وَلِأَنَّ ” الِاسْتِعَانَةَ ” طَلَبٌ مِنْهُ ، وَ ” الْعِبَادَةَ ” طَلَبٌ لَهُ . 

7- وَلِأَنَّ ” الْعِبَادَةَ ” لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ مُخْلِصٍ ، وَ ” الِاسْتِعَانَةَ ” تَكُونُ مِنْ مُخْلِصٍ وَمِنْ غَيْرِ مُخْلِصٍ . 

8- وَلِأَنَّ ” الْعِبَادَةَ ” حَقُّهُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْكَ ، وَ ” الِاسْتِعَانَةُ ” طَلَبُ الْعَوْنِ عَلَى ” الْعِبَادَةِ ” ، وَهُوَ بَيَانُ صَدَقَتِهِ الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْكَ ، وَأَدَاءُ حَقِّهِ أَهَمُّ مِنَ التَّعَرُّضِ لِصَدَقَتِهِ . 

9– وَلِأَنَّ ” الْعِبَادَةَ ” شُكْرُ نِعْمَتِهِ عَلَيْكَ ، وَاللَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَشْكُرَ ، وَالْإِعَانَةُ فِعْلُهُ بِكَ وَتَوْفِيقُهُ لَكَ ، 
فَإِذَا الْتَزَمْتَ عُبُودِيَّتَهُ ، وَدَخَلْتَ تَحْتَ رِقِّهَا أَعَانَكَ عَلَيْهَا ، فَكَانَ الْتِزَامُهَا وَالدُّخُولُ تَحْتَ رِقِّهَا سَبَبًا لِنَيْلِ الْإِعَانَةِ ، 
وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَتَمَّ عُبُودِيَّةً كَانَتِ الْإِعَانَةُ مِنَ اللَّهِ لَهُ أَعْظَمَ . 
 
10- وَلِأَنَّ ” إِيَّاكَ نَعْبُدُ ” لَهُ ، وَ ” إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ” بِهِ ، وَمَا لَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا بِهِ ، لِأَنَّ مَا لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ ، وَمَا بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَشِيئَتِهِ ، وَمَا تَعَلَّقَ بِمَحَبَّتِهِ أَكْمَلُ مِمَّا تَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ مَشِيئَتِهِ …. ” اه من كلام ابن القيم مدارج السالكين

Visits: 478