إنَّ الله تعالى فوق سماواته مستوٍ على عرشه

Home / العقيدة والمنهج / إنَّ الله تعالى فوق سماواته مستوٍ على عرشه
إنَّ الله تعالى فوق سماواته مستوٍ على عرشه
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ المسائل الشرعية  كلها وبخاصة مسائل العقيدة توقيفية ، أي يتوقف الكلام فيها على ما جاء من أدلة الوحيين : القرآن وصحيح السنة ، وكذلك ما أجمع عليه سلف هذه الأمة .
وكل خوض فيها خارج إطار الوحيين فهو من القول على الله بغير علم ، وهو من كبائر الذنوب وأعظمها .
ولم يقل أهل السنَّة : ” إن الله تعالى في السماء ” أخذاً من شِعرِ شاعر ، ولا من نثر فصيح ، بل قالوا ذلك واعتقدوه أخذاً له من قول الله تعالى عن نفسه : ” أأمنتم من في السماء ” وغيرها من الايات الدالات على ذلك ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم للجارية لما سألها :” يا جارية أين الله ؟ ”  ،  قالت : ” في السماء ” .
قال : ” أعتقها فانها مؤمنة“.
قال الامام الذهبي في ” العلو ” :
” هذا حديث صحيح أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وغير واحد من الأئمة في تصانيفهم ، يمرونه كما جاء ولا يتعرضون له بتأويل ولا تحريف ، وهكذا رأينا كل من يسأل : أين الله ؟ ، يبادر بفطرته ويقول : في السماء .
 ففي الخبر مسالتان :
إحداهما شرعية قول المسلم : أين الله .
الثانية : قول المسؤول : في السماء .
فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى ” . انتهى كلامه .
ثم إن لفظ “السماء” له معنيان :
الأول : العلو.
والثاني : الجرم المخلوق المعروف ، الذي هو السقف المحفوظ .
 
فإذا قال أهل السنة : ” الله في السماء” فمعنى السماء هنا : العلو .
فالسماء اسم جنس للعالي ، لا يخص شيئاً ، وقوله : (في السماءأي : في العلو دون السفل

ومن أراد بلفظ السماء ذلك الجرم المخلوق : فإنه يجعل “في” بمعنى “على” .

 قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
“وأما قوله تعالى : ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ ) الملك/16 فمعناه : مَن على السماء يعني : على العرش .
وقد يكون “في” بمعنى “على” ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) التوبة/2 أي : على الأرض .
 وكذلك قوله : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) طه/71″ انتهى   “التمهيد” (7/130) .
وهذه نقولات لعقيدة السلف من الصحابة والتابعين ومن اتبعهم باحسان الى يوم الدين أن الله تعالى فوق سماواته مستو على عرشه بائن عن خلقه .
وليس كما يعتقد أهل الضلال من الجهمية وأفراخهم : ” أن الله في كل مكان ”  تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
 
قال أبو عثمان الصابوني الشافعي (ت 449هـ) في كتابه “عقيدة السلف”:
(ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله سبحانه فوق سبع سمواته، على عرشه مستو؛ كما نطق به كتابه، في قوله عز وجل في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف :54]) وذكر آيات الإستواء على العرش وآيات أخرى في علو الله، بعضها ذكرناها في الجزء الأول للمقال.
ثم قال: (وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله على عرشه، وعرشه فوق سمواته.) .
قال الامام ابن عبد البر المالكي (ت 463 هـ) في كتابه “التمهيد”:
 (وأما احتجاجهم بقوله عز {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:7]
 فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية، لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التآويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش وعلمه في كل مكان وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله.
وقال في شرح حديث النزول: (وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات، كما قالت الجماعة. وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم أن الله عز وجل في كل مكان، وليس على العرش.) 
وقال في “الإستذكار”: (الله عز وجل في السماء على العرش مِن فوقِ سبع سماوات، وعِلْمُه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر.)
قال أبو نصر السجزي الحنفي (ت. 444 هـ) في كتابه الإبانة:
(أئمتنا كسفيان الثوري، ومالك، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، عبد الله بن المبارك، والفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه متفقون على أن الله سبحانه وتعالى بذاته فوق العرش، وعلمه بكل مكان) .
قال ابن بطة العكبري الحنبلي (387 هـ) في كتابه الإبانة الكبرى:
وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية.)
والحمد لله رب العالمين .

Visits: 653