روى الترمذي في جامعه من حديث معاوية بن حيدة القشيري رضي الله عنه مرفوعا :” إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله ” اه
قال العلامة الشوكاني في تفسيره ” : الأمة الإسلامية خير الأمم على الإطلاق ، وأن هذه الحرية مشتركة ما بين أول هذه الأمة وآخرها بالنسبة إلى غيرها من الأمم وإن كانت متفاضلة في ذات بينها . كما ورد في فضل الصحابة على غيرهم ” اه
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه : ” كنتم خير امة أخرجت للناس “ قال : خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى ، يدخلوا في الإسلام
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ” إنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد صلوات الله عليه وسلامه ، فإنه أشرف خلق الله وأكرم الرسل على الله ، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يعطه نبي قبله ولا رسول من الرسل فالعمل على منهاجه وسبيله يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه “. انتهى كلام الحافظ ابن كثير ملخصا .
* تنبيه مهم : قال العلامة القرطبي في تفسيره : قوله تعالى : ” تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر “ مدح لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به . فإذا تركوا التغيير وتواطئوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم ، وكان ذلك سببا لهلاكهم ” اه
وروى الامام أحمد في مسنده من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا : ” أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء “ فقلنا ما هو يا رسول الله فقال : ” نُصِرْتُ بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل لي التراب طهوراً وجعلت أمتي خير الأمم ” اه
قال ابن حجر – رحمه الله – فهذه الأمة إنما شرفت وتضاعف ثوابها ببركة سيادة نبيها وشرفه وعظمته، فلله وحده الفضل والمنة، وله الشكر والثناء، ومنه الإحسان والعطاء، وهذا -يا أيها المسلمون- يصيّرنا عبادًا لله حامدين صادقين، ولنبيه -صلى الله عليه وسلم- من الطائعين والمحبين والمتبعين .
وأما قوله تعالى عن بني أسرائيل : “ {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} فالمرادَ: عَالَمُ زَمَانِهِمْ.
وقال بعضُ العلماءِ: هو نوعٌ من التفضيلِ آخَرُ لا يُعَارِضُ أَشرَفِيَّةَ هذه الأمةِ وأفضليتَها عليهم، وهو كثرةُ الرُّسُلِ فيهم؛ لأن الأنبياءَ أكثرُ فيهم منهم في غيرِهم ، وكثرةُ الأنبياءِ فيهم لا تجعلُهم أفضلَ من هذه الأمةِ، بل هذه الأمةُ أفضلُ منهم وإن كانت الأنبياءُ فيها إنما جاءها نبيٌّ واحدٌ – صلى الله عليه وسلم –
وما يدل أيضا على أفضلية هذه الأمة على أمة بني إسرائيل قول أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام لنبيهم قبيل غزوة بدر لما أخبرهم عليه الصلاة والسلام بقدوم جيش قريش إليهم قال المقداد بن الاسود رضي الله عنه لرسول الله : “ وَاللَّهِ لو سِرْتَ بنا إلى بَرْك الغِمَادِ لَجَالَدْنَا مِنْ دُونِهِ معكَ، ولو خُضْتَ بنا هذا البحرَ لَخُضْنَاهُ، ولا نقول لك كما قال قومُ موسى لموسى: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ، بل إنا مَعَكَ مُقَاتِلُونَ.
كذلك ابْتَلَى بني إسرائيلَ بصيدٍ، وهو صيدُ السَّمَكِ المذكورُ في الأعرافِ، المشارُ له في البقرةِ : {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} ، فَحَدَاهُمُ القَرَمُ والطمعُ في أكلِ الحوتِ إلى أن اعْتَدَوْا في السبتِ، فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قردةً.
وقد امتحنَ اللَّهُ تعالى أصحابَ النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – في عمرةِ الحديبيةِ بالصيدِ وهم مُحْرِمُونَ، فهيَّأَ لهم جميعَ أنواعِ الصيدِ من الوحوشِ والطيرِ، من كبارها وصغارها، ولم يَعْتَدِ رجلٌ منهم، ولم يَصِدْ في الإحرامِ، كما بَيَّنَهُ جل وعلا بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة: آية 94]، فما مَدَّ رجلٌ منهم يدَه إلى صَيْدٍ.
فظهر بهذا أن كلتا الأُمَّتَيْنِ امتُحِنَتْ بصيدٍ، وأن هؤلاء اعتدوا على ذلك الصيدِ فمُسِخوا قِرَدَةً، وأن أولئك اتقوا الله.
كذلك امتُحنوا بخوفٍ من عَدُوٍّ فَصَبَرَ الصحابة وَثَبَتُوا، وخاف قوم موسى وَجَبُنُوا، فيضاف هذا إلى أفضلية هذه الأمة على بني إسرائيل وسائر أمم بني آدم قاطبةً .
والله أعلم والحمد لله رب العالمين .
Visits: 281