بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن جُزَيٍّ رحمه الله- في القوانين الفقهية : ” وإذا قَبَضَ الرَّحِمُ المَنِيَّ لم يجزِ التعرُّضُ له، وأشدُّ مِن ذلك إذا تخلَّق، وأشدُّ مِن ذلك إذا نُفخ فيه الروحُ فإنه قتلُ نفسٍ إجماعًا ” اه
قال العلامة محمد فركوس الجزائري : ” تختلف المسوِّغات الشرعية لإسقاط الحمل باختلاف أطوار نموِّ الجنين ومراحل تطوُّره، فإن كان الحمل في مدَّة الأربعين فإنَّ العذر في إسقاطه يتمحور على دفع ضررٍ حسِّيٍّ أو نفسيٍّ متحقِّقِ الوقوع، أو متوقَّعٍ غير متوهَّمٍ أو ظنِّيٍّ غالبٍ يلحق أُمَّه بالدرجة الأولى.
فينبغي التفريقُ بين الإجهاض في حدِّ ذاته وبين الإجهاض لوجود مُسوِّغٍ شرعيٍّ.
فأمَّا الإجهاض في ذاته إذا خلا من أي عُذرٍ شرعيٍّ مقبولٍ فهو عملٌ غيرُ مشروعٍ في جميع أطوار الجنين ومراحله؛ لأنه جنايةٌ على موجودٍ حاصلٍ، سواءٌ كان الحمل من نكاحٍ أو من سفاحٍ.
علمًا أنَّ التحريم تزداد شِدَّتُهُ إذا بلغ الجنينُ الطورَ الثالثَ ونُفِخَ فيه الروحُ، فالعلماء يُجمعون على تحريم الإجهاض بعد مائةٍ وعشرين يومًا مِن بدءِ الحمل قولاً واحدًا، ويُعَدُّ إسقاطه -في هذه المرحلة- جريمةً موجِبةً للدِّية على تفصيلٍ في مقدارها مع وجوب الكفَّارة على الصحيح من اجتهاد الفقهاء ” اه
وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (21/450) : “الأصل في حمل المرأة أنه لا يجوز إسقاطه في جميع مراحله إلا لمبرر شرعي ، فإن كان الحمل لا يزال نطفة وهو ما له أربعون يوماً فأقل ، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر يتوقع حصوله على الأم – جاز إسقاطه في هذه الحالة ، ولا يدخل في ذلك الخشية من المشقة في القيام بتربية الأولاد أو عدم القدرة على تكاليفهم أو تربيتهم أو الاكتفاء بعدد معين من الأولاد ونحو ذلك من المبررات الغير شرعية .
أما إن زاد الحمل عن أربعين يوماً حرم إسقاطه ، لأنه بعد الأربعين يوماً يكون علقة وهو بداية خلق الإنسان ، فلا يجوز إسقاطه بعد بلوغه هذه المرحلة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن في استمرار الحمل خطراً على حياة أمه ، وأنه يخشى عليها من الهلاك فيما لو استمر الحمل ” انتهى .
ومما ينبغي ذكره أيضا في هذا الباب : أن وجود مشاكل بين الزوجين مع احتمال وقوع الطلاق بينهما ليس بمسوغ شرعي لإجهاض الحمل وإن كان ذلك في طوره الاول .
استمع للعلامة صالح الفوزان حفظه الله :
وهذا تفصيل رائع من الشيخ الفقيه سليمان الرحيلي حفظه الله نختم به هذه الرسالة :
والله أعلم والحمد لله رب العالمين .
Visits: 364