قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله في كتابه ” المدهش ” :
” أجدبت الأَرْض فِي سنة ثَمَانِي عشرَة فَكَانَت الرّيح تسفي تُرَابا كالرماد فَسُمي عَام الرَّمَادَة وَجعلت الوحوش تأوي إِلَى الْأنس فآلى عمر أَلا يَذُوق سمنا وَلَا لَبَنًا وَلَا لَحْمًا حَتَّى يحيى النَّاس واستسقى بِالْعَبَّاسِ فسقوا
وفيهَا كَانَ طاعون عمواس مَاتَ فِيهِ أَبُو عُبَيْدَة ومعاذ وَأنس
وَفِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَقع طاعون بِالْبَصْرَةِ وَمَاتَتْ أم أَمِيرهمْ فَمَا وجدوا من يحملهَا
وَفِي سنة سِتّ وَتِسْعين كَانَ طاعون الجارف هلك فِي ثَلَاث أَيَّام سَبْعُونَ ألفا وَمَات فِيهِ لأنس ثَمَانُون ولدا وَكَانَ يَمُوت أهل الدَّار فيطين الْبَاب عَلَيْهِم
وَفِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة مَاتَ أول يَوْم فِي الطَّاعُون سَبْعُونَ ألفا وَفِي الثَّانِي نَيف وَسَبْعُونَ ألفا وَفِي الْيَوْم الثَّالِث خمد النَّاس
وَفِي سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة كثر الْمَوْت وَكَانَ يدْفن فِي الْقَبْر الْوَاحِد جمَاعَة
وَفِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة ذبح الْأَطْفَال وأكلت الْجِيَف وَبيع الْعقار برغيفان وَاشْترى لمعز الدولة كرّ دَقِيق بِعشْرين ألف دِرْهَم
وَفِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة عَمت الْأَمْرَاض الْبِلَاد فَكَانَ يَمُوت أهل الدَّار كلهم
وَفِي سنة ثَمَان وَسبعين وثلاثمائة أصَاب أهل الْبَصْرَة حر فَكَانُوا يتساقطون موتى فِي الطرقات
وَفِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة عَم الْقَحْط فَأكلت الْميتَة وَبلغ
لمكوك من بزر البقلة سبع دَنَانِير والسفرجلة والرمانة دِينَارا والخيارة واللينوفرة دِينَارا وَورد الْخَبَر من مصر بِأَن ثَلَاثَة من اللُّصُوص نقبوا دَارا فوجدوا عِنْد الصَّباح موتى أحدهم على بَاب النقب وَالثَّانِي على رَأس الدرجَة وَالثَّالِث على الثِّيَاب المكورة
وَفِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا وَقع وباء فَكَانَ تحفر زبية لعشرين وَثَلَاثِينَ فيلقون فِيهَا وَتَابَ النَّاس كلهم وأراقوا الْخُمُور ولزموا الْمَسَاجِد
وَفِي سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَقع الوباء وَبلغ الرطل من التَّمْر الْهِنْدِيّ أَرْبَعَة دَنَانِير
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة اشْتَدَّ الْجُوع والوباء بِمصْر حَتَّى أكل النَّاس بَعضهم بَعْضًا وَبيع اللوز وَالسكر بِوَزْن الدَّرَاهِم والبيضة بِعشْرَة قراريط وَخرج وَزِير صَاحب مصر إِلَيْهِ فَنزل عَن بغلته فَأَخذهَا ثَلَاثَة فأكلوها فصلبوا فَأصْبح النَّاس لَا يرَوْنَ إِلَّا عظامهم تَحت خشبهم وَقد أكلُوا
وَفِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَقع الْمَوْت فِي الدَّوَابّ حَتَّى أَن رَاعيا قَامَ إِلَى الْغنم وَقت الصَّباح ليسوقها فَوَجَدَهَا كلهَا موتى ” اه
Hits: 70