قال الامام ابن القيم رحمه الله : “ فهو أعلم حيث يجعلها [ يعني : رسالته ] ؛ أصلا وميراثا !!
وكما أنه ليس كل محل أهلا لتحمل الرسالة عنه ، وأدائها إلى الخلق ؛ فليس كل محل أهلا لقبولها والتصديق بها ، كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) .
أي : ابتَلَيْنَا ، واخْتَبَرْنا بَعضَهم ببعض ، فابتلى الرؤساء والسادة ، بالأتباع والموالي والضعفاء ؛ فإذا نظر الرئيس والمطاع إلى المولى والضعيف أنفةً ، وأنف أن يُسلم ،
وقال : هذا يمن الله عليه بالهدى والسعادة دوني ؟!
قال الله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) ، وهم الذين يعرفون النعمة وقدرها ، ويشكرون الله عليها، بالاعتراف والذل والخضوع والعبودية ؛
فلو كانت قلوبكم مثل قلوبهم ، تعرفون قدر نعمتي ، وتشكروني عليها ، وتذكروني بها ، وتخضعون لي كخضوعهم ، وتحبوني كحبهم لمننت عليكم ، كما مننت عليهم ؛
ولكنْ لِمَنِّي ونِعَمِي مَحَالٌّ لا تَلِيقُ إلا بها ، ولا تًحْسُنُ إلا عندها . (محالّ- جمع محل )
ولهذا يَقْرِنُ كثيرا بين التخصيص والعلم :
– كقوله ههنا: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)
– وقوله: (وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) ،
– وقوله: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ) ..”انتهى من “شفاء العليل” (ص31)
Hits: 421