فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي هؤلاء المال مع أنه حرام عليهم ، حتى يدفع عن نفسه مذمة البخل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع أن يدفعها إليه , كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا ……. الحديث” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (4/174) .
وقال أيضا : ” لَوْ أَعْطَى الرَّجُلُ شَاعِرًا أَوْ غَيْرَ شَاعِرٍ ; لِئَلا يَكْذِبَ عَلَيْهِ بِهَجْوٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ لِئَلا يَقُولَ فِي عِرْضِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَانَ بَذْلُهُ لِذَلِكَ جَائِزًا وَكَانَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ لِئَلا يَظْلِمَهُ حَرَامًا عَلَيْهِ ; لأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ ظُلْمِهِ . . . فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ الْمَالَ لِئَلا يَكْذِبَ عَلَى النَّاسِ أَوْ لِئَلا يَظْلِمَهُمْ كَانَ ذَلِكَ خَبِيثًا سُحْتًا ; لأَنَّ الظُّلْمَ وَالْكَذِبَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهُ بِلا عِوَضٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَظْلُومِ فَإِذَا لَمْ يَتْرُكْهُ إلا بِالْعِوَضِ كَانَ سُحْتًا ” انتهى “مجموع الفتاوى” (29/252) .
وقال ابن حزم في المحلى: ” لا تحل الرشوة، وهي ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل، أو ليولى ولاية، أو ليظلم له إنسان فهذا يأثم المعطي والآخذ، فأما من منع من حقه فأعطى ليدفع عن نفسه الظلم، فذلك مباح للمعطي، وأما الآخذ فآثم ” . اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ” قال العلماء: إن من أهدى هدية لولي أمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حرامًا على المهدي والمهدى إليه، وهذه من الرشوة التي قال فيها النبي: لعن الله الراشي، والمرتشي… فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه، أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حرامًا على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها “ اهـ.
والحمد لله رب العالمين .
Visits: 169