معنى : ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ

Home / الحديث / معنى : ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ
معنى :  ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ
بسم الله الرحمن الرحيم 
 
قال عليه الصلاة والسلام :” .. ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ ” رواه البخاري 
إستشكل البعض طيب خلوف فم الصائم عند الله مع أن رائحته كريهة حِسًا تتأذى منها النفوس .
 وأفضل ما يفسر به الحديث ، الحديث نفسه ، عند جمع طرقه واستيفاء ألفاظه  .
فقد جاء عند مسلم في صحيحه قوله عليه الصلاة والسلام : “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ، يَومَ القِيَامَةِ، مِن رِيحِ المِسْكِ ” .
 
فهذه الزيادة : ” يوم القيامة ”  في هذه الرواية مهمة جدا لأنها تفسر الحديث وتحل مشكله ،  ويوم القيامة هو يوم الجزاء، وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك .
 
فقوله  : ” لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ، يَومَ القِيَامَةِ، مِن رِيحِ المِسْكِ ”  أي أن  الله جل وعلا يبدل هذه الرائحة الكريهة التي يتأذى منها الناس – بسبب خلو المعدة أثناء الصيام – رائحة يوم القيامة أطيب من ريح المسك ثوابا منه سبحانه وتفضلا على عباده الصائمين .
 
وهذا تماما يشبه حال من يكلم في سبيل الله فهذه الدماء التي تسيل منه في الدنيا رائحتها مستكرهة لكن يأتي يوم االقيامة ورائحتها كالمسك كما قال عليه الصلاة والسلام  : “والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، – والله أعلم بمن يكلم في سبيله – إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً اللون لون الدم، والريح ريح المسك” .
 
قال الامام ابن القيم رحمه الله غي الوابل الصيب :” فأخبر – صلى الله عليه وسلم – عن رائحة المكلوم في سبيل الله – عزَّ وجلَّ – بأنه كريح المسك يوم القيامة، وهو نظير إخباره عن خلوف فم الصائم؛ فإن الحس يدل على أن هذا دم في الدنيا، وهذا خلوف له، ولكن يجعل الله رائحة هذا وهذا مسكًا في يوم القيامة ” اه.
 
إذا ليس في الحديث دلالة على استحباب ترك الاستياك خلال الصيام أو بعد العصر بتاتا . بل الصائم أحوج إلى تطييب فمه ما استطاع إلى ذلك سبيلا حتى لا يتأذى برائحة فمه من بجواره في المسجد أو نحوه .  
 
وجمهور أهل العلم مالك وأبو حنيفة وأحمد عدا الشافعي يقولون: لا يُكْره السواك للصائم مطلقًا، سواء قبل الزوال وبعده، وحملوا الحديث الذي يمدح الخَلوف على الترغيب في التمسُّك بالصيام وعدم التأذِّي من رائحة الفم وليس على الترغيب في إبقاء الرائحة لذاتِه .

ويقول الامام ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: ”  وليس لله غرض في التقرب إليه بالرائحة الكريهة، ولا هي من جنس ما شرع التعبد به، وإنما ذكر طيب الخلوف عند الله يوم القيامة حثاً منه على الصوم، لا حثاً على إبقاء الرائحة، 
بل الصائم أحوج إلى السواك من المفطر
وأيضا فإن رضوان الله أكبر من استطابته لخلوف فم الصائم .
وأيضا فإن محبته للسواك أعظم من محبته لبقاء خلوف فم الصائم . 
وأيضا فإن السواك لا يمنع طيب الخلوف  -الذي يزيله السواك – عند الله يوم القيامة ، بل يأتي الصائم يوم القيامة وخلوف فمه أطيب من المسك علامة على صيامه ، ولو أزاله بالسواك ، كما أن الجريح يأتي يوم القيامة ، ولون دم جرحه لون الدم ، وريحه ريح المسك ، وهو مأمور بإزالته في الدنيا . ” اه
والله أعلم والحمد لله رب العالمين .

Visits: 6618