مَا المَرْءُ إلَّا بِدِينِهِ

Home / الحديث / مَا المَرْءُ إلَّا بِدِينِهِ
مَا المَرْءُ إلَّا بِدِينِهِ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عليه الصلاة والسلام : ” ومن بطّأ به عملُه ، لم يسرعْ به نسبُه ”  رواه مسلم والترمذي وابن ماجة
قال المباركفوري في شرحه على جامع الترمذي : ” قوله : ” لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ”  :أَيْ لَمْ يُقَدِّمْهُ نَسَبُهُ ، يَعْنِي : لَمْ يَجْبُرْ نَقِيصَتَهُ لِكَوْنِهِ نَسِيبًا فِي قَوْمِهِ إِذْ لَا يَحْصُلُ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالنَّسَبِ بَلْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ .
قَالَ تَعَالَى : ” إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ” وَشَاهِدُ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا أَنْسَابَ لَهُمْ يُتَفَاخَرُ بِهَا ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ مَوَالٍ (من الموالي) ، وَمَعَ ذَلِكَ هُمْ سَادَاتُ الْأُمَّةِ وَيَنَابِيعُ الرَّحْمَةِ ، وَذَوُو الْأَنْسَابِ الْعَلِيَّةِ الَّذِينَ لَيْسُوا كَذَلِكَ فِي مَوَاطِنِ جَهْلِهِمْ نَسْيًا مَنْسِيًّا .
وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :” إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الدِّينِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ ” كَذَا قَالَ علي الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ وَقَدْ صَدَقَ الْقَارِي “.اهـ
عن مُعاذِ بنِ جبلٍ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ لمَّا بعثَهُ على اليمنِ خرجَ معهُ يوصيهِ ثمَّ التفتَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ إلى المدينةِ فقالَ : ” إنَّ أهلَ بيتي هؤلاءِ يرونَ أنَّهُم أولى النَّاسِ بي وليسَ كذلك إنَّ أوليائي منكمُ المتَّقونَ مَن كانوا وحيثُ كانوا اللَّهمَّ إنِّي لا أُحِلُّ لهم إفسادَ ما أصلحتُ وأيمُ اللَّهِ لتُكفأنَّ أمَّتي عن دينِها كما تُكفأنَّ الإناءُ في البطحاءِ ” رواه ابن ابي عاصم في السنة  وصححه الالباني والوادعي في الصحيح المسند
وعن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جهارا غير سر يقول : ”  ألا إن آل أبي فلان ليسوا بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين ” رواه البخاري ومسلم  
قال النووي : ” معنى الحديث أن وليي من كان صالحا وإن بعد مني نسبه ، وليس وليي من كان غير صالح وإن قرب مني نسبه ” اه
قال الحافظ ابن حجر : ” وظاهر الحديث أن من كان غير صالح في أعمال الدين دخل في النفي أيضا لتقييده الولاية بقوله : وصالح المؤمنين ” اه
قال الطيبي :” لا أوالي أحدا بالقرابة وإنما أحب الله لحقه الواجب على العباد وأحب صالح المؤمنين لوجه الله وأوالي من أوالي بالإيمان والصلاح سواء كان من ذوي رحمة أم لا ” اهـ
وجاء في الصحيح وغيره عن أبي هريرةقال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل : { وأنذر عشيرتك الأقربين } . قال : ( يا معشر قريش – أو كلمة نحوها – اشتروا أنفسكم ، لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني مناف لا أغني عنكم من الله شيئا ،يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا فاطمة بنت محمد ، سليني ما شئت من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئا ) . 
وصدق القائل :
لعمرك ما الإنسان إلا ابن دينه * فلا تترك التقوى اتكالا على النسب
                                                         فقد رفع الإسلام سلمان فارس * وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب
فلا يقول المسلم : أنا هاشمي  أنا علوي أو أنا حسيني ، وليس له تقوى ، فإن ذلك لا ينفعه ، قال تعالى : “يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ  [ الشعراء : 88 – 89 ] .

قال ابن مفلح في الآداب الشرعيةوَبَعْضُ النَّاسِ يَتْرُكُ الصِّفَاتِ الْمَطْلُوبَةَ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ لِحُصُولِ الرُّتَبِ الْعَالِيَةِ اتِّكَالًا عَلَى حَسَبِهِ وَنَسَبِهِ ، وَفِعْلِ آبَائِهِ فَهَذَا أَعْمَى فَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ :
لَسْنَا وَإِنْ كَـرُمَتْ أَوَائِلُنَا أَبَدًا عَلَى الْأَحْسَابِ نَتَّكِلُ
                                                                  نَبْنِي كَمَا كَانَتْ أَوَائِلُنَا تَبْنِي وَنَفْعَــلُ مِثْلَ مَا فَعَلُـوا
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ تَمَثَّلَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ .

والحمد لله رب العالمين .

Visits: 802