بسم الله الرحمن الرحيم
روى ابن حبان في صحيحه والمنذري في الترغيب عن ابي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا : “ما طلعت شمسٌ قط إلا بُعِثَ بجنبتَيْها مَلَكَانِ يُناديانِ ،يُسْمِعَانِ أهلَ الأرضِ إلا الثَّقليْنِ ، يا أيها الناسُ هلمُّوا إلى ربكم فإن ما قلَّ وكفى خيرٌ مما كثُرَ وألهى…..” صححه الالباني في مشكاة المصابيح وصحيح الترغيب
وقال الامام الالباني في السلسلة الصحيحة ( 443). :صحيح على شرط مسلم .
جاء في ” مرقاة المفاتيح ” للشيخ علي القاري شرح مشكاة المصابيح نقلا عن الطيبي رحمه الله قال :
“قوله: ( يسمعان الخلائق غير الثقلين ) بدل مما قبله أو حال من ضميره أو بيان بعد بيان ، والظاهر حمل الأسماع للخليقة على الحقيقة .
ثم لعل السر لعدم إسماع الثقلين أن لا يرتفع التكليف بمعاينة الغيب ، كما حقق في قوله عليه الصلاة والسلام: ” لولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ” .
فإن قلت: ما فائدة النداء لغيرهما مع أنهما هما المحتاجان للتنبيه عن غفلة الأنباء؟
قلت: فائدته أن يخبر الصادق المصدق بقوله ناقلا عما سمع بنفسه ، أو بما أخبر به الحق المطلق .
( يا أيها الناس! هلموا ) أي: تعالوا ( إلى ربكم ) أي: أمره وحكمه ، أو انقطعوا إليه من غيره كما قال تعالى: { ففروا إلى الله } [ الذاريات: 50 ] ، { وتبتل إليه تبتيلا } [ المزمل: 8 ] .
( ما قلَّ ) أي: من المال وما موصولة ( وكفى ) أي: في أمر الدنيا وزاد العقبى ( خير مما كثر ) أي: من المال ( وألهى ) أي: شغل عن المولى وحسن الحال وتحسين المال .
وقال أيضا الطيبي رحمه الله :
“يجور أن يكون الإسماع على الحقيقة ، وأن يكون على التنبيه عن الغفلة مجازا ، فمعنى يسمعان الخلائق غير الثقلين أنهما يقصدان بالإسماع الثقلين ، فيسمعان غيرهما .
ثم خص من الثقلين الإنسان بقوله: يا أيها الناس تنبيها على تماديهم في الغفلة ، وانهماكهم في الحرص ، وجمع حطام الدنيا حتى ألهاهم ذلك عن الإقبال إلى ذكر الله تعالى وعبادته .
فقيل لهم: إلى كم هذه الغفلة والإعراض عن ذكر الله؟ هلموا إلى طاعة ربكم ما قل من المال ، ويكفيكم ولا يلهيكم خير مما كثر وألهى ، سمع هذا النداء من ألقى السمع وهو شهيد ، أولئك هم الذين أشار الله بذكرهم ورفع من منزلتهم في قوله: { لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } [ النور: 37 ] الآية .
ومعنى إسماع غير المكلفين كونها مسبحة لله منقادة لما يراد منها ، { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } [ الإسراء: 44 ] ” انتهى كلامه رحمه الله .
والله أعلم ، والحمد لله رب العالمين .
Visits: 2517