الاختلاف ليس بحجة‎

Home / العلم والعلماء / الاختلاف ليس بحجة‎
الاختلاف ليس بحجة‎

بسم الله الرحمن الرحيم

كان السلف يطلبون ممن قال قولاً أو عمل عملاً، أن يقيم الدليل على قوله أو عمله من الكتاب والسنة. وهذا يعني أنهم لا يعذرون الناس في أقوالهم وأفعالهم ومذاهبهم إذا لم تستند إلى دليل من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. قال أبو صالح: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، مثلاً بمثل، من زاد أو ازداد؛ فقد أربى، فقلت له: إن ابن عباس يقول غير هذا؟! فقال: لقد لقيت ابن عباس، فقلت: أرأيت هذا الذي تقول: أشيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو وجدته في كتاب الله عز وجل؟! رواه البخاري (رقم 2178)

 

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: في (مناقب الشافعي) ص 86-87 : قلت للشافعي: ما تقول في مسألة كذا وكذا؟

قال: فأجاب فيها، فقلت: من أين قلت؟ هل فيه حديث أو كتاب؟ قال: بلى، فنزع في ذلك حديثاً للنبي -صلى الله عليه وسلم-.

وقد يحتج البعض لتسويغ المذهب الذي انتحله وإن كان ضعيفاً بأن المسألة مختلف فيها!ومثل هذا الاحتجاج ليس بحجة شرعية، وهو تأصيل لم يقم عليه دليل شرعي، لا من كتاب ولا من سنة.

 

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: في (جامع بيان العلم وفضله) (2/229) ” الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة، إلا من لا بصر له، ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله “ اهـ

قال الخطابي: في (أعلام الحديث) (3/2092): ” وليس الاختلاف حجة، وبيان السنة حجة على المختلفين من الأولين والآخرين “ اهـ

وقال الشاطبي رحمه الله: في (الموافقات) (4/141) : “ وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية، حتى صار الخلاف في المسائل معدوداً في حجج الإباحة. ووقع فيما تقدم او تأخر من الزمان الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفاً فيه بين أهل العلم، لا بمعنى مراعاة الخلاف، فإن له نظراً آخر، بل في غير ذلك. فربما وقع الإفتاء في المسألة بالمنع، فيقال: لم تمنع؛ والمسألة مختلف فيه؟!

فيجعل الخلاف حجة في الجواز لمجرد كونها مختلفاً فيها، لا لدليل عليه يدل على صحة مذهب الجواز، ولا لتقليد من هو أولى بالتقليد من القائل بالمنع، وهو عين الخطأ على الشريعة، حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمداً، وما ليس بحجة حجة اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: في (مجموع الفتاوى) (26/202-203) وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة: النص، والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية اهـ

 

والحمد لله رب العالمين .

Visits: 208