الثبات على السنة

Home / الرئيسية / الثبات على السنة
الثبات على السنة

يتقلب الإنسان في هذه الحياة غالباً على حالات من الخير والشر والنشاط والفتور ولكن العبرة عند الله تعالى إنما هي بالخواتيم كما قال صلى الله عليه وسلم (وإنما الأعمال بالخواتيم) أخرجه البخاري.

فإذا كان آخر العمل حسناً كانت العاقبة في الآخرة حسنة وإذا كان  آخر العمل سيئاً كانت العاقبة في الآخرة سيئة والعياذ بالله ولهذا كان حسن الخاتمة مما يؤرق الصالحين ويهمهم لأن أحدهم لا يدري بم يختم له  ومن ذلك أن سفيان الثوري ـ ت161هـ _ بكى ثم قال (إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت) سير أعلام النبلاء (7/258)

إن كون المرء اليوم على استقامة وخير لا يعني لزاماً أنه سيموت على ذلك وذلك أن القلوب سريعة التقلب والتحول قال الحافظ ابن حجر في فوائد حديث النهي عن دخول ديار المعذبين إلا لمن كان باكياً (ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار ، فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة ثم إيقاع نقمته بهم وشدة عذابه، وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك) فتح الباري (1/531)

وكما يهتدي كثير من أهل الضلالة من الكفر إلى الإسلام ومن البدعة إلى السنة فإنه _ والعياذ بالله _ قد يضل المرء بعد هدى فيكفر بعد إيمانه أو يفسق بعد طاعته أو يبتدع بعد السنة قال تعالى عن المنافقين 🙁 ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم) وقال تعالى (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) وقال تعالى (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً).

وقال تعالى (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون)

وفي حديث الصادق المصدوق حديث ابن مسعود في الصحيحين  ( فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة ، فيدخل الجنة ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار)

فهذه النصوص وأمثالها تورث المسلم خشية ربه والخوف من مقامه ومجانبة الاغترار بالحال التي هو عليها من الخير، ولكن الخذلان يكون له سبب متقدم من سوء سريرة ونحوها 

كما قال ابن رجب معلقاً على قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس ، وهو من أهل الجنة ) وقوله : (فيما يبدو للناس ) إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك ، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس ، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك ، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت .. اهـ .

وإذا تأملنا في أسباب الخلل الذي يطرأ على الإنسان حتى ينكص على عقبيه نجدها أسباباً كثيرة ومنها ما سيأتي في الكلام على وسائل الثبات لكني أنص على سبب واحد هنا وهو التتلمذ على أيدي أهل البدع كما حصل للعلامة الكبير أبي الوفاء ابن عقيل الحنبلي رحمه الله فإنه تتلمذ في شبابه على أبي الوليد وابن التبان من شيوخ المعتزلة فأورثه ما أورثه مما هو معلوم لمن طالع ترجمته وانظر (ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب)

ونجد اليوم من يتتلمذ باختياره على بعض أهل البدع ولا سيما في النحو والأصول ونحوهما ثم لا يلبث أن تتلوث عقيدته بشيء من الباطل بسبب الخلطة بالشيخ وجلسائه و بإعجابه بهديه وسمته.

ويدخل في هذا الباب حضور محاضرات أهل البدع ومتابعة برامجهم المسموعة والمرئية وقراءة كتبهم ومجلاتهم والدخول على مواقعهم في الانترنت للاستفادة منها

وبعضهم يتعلل بأنه إنما يستمع لهم في باب المواعظ أو السير أو أنه واثق من نفسه الثقة الكاملة بمعرفته الحق من الباطل وقدرته على التمييز بينهما وما علم أن صاحب البدعة يدس بدعته كلما أمكنه في الموعظة والسيرة وغيرهما بل وحتى في رده على البدع الأخرى التي لم يتلبس بها فإنه لا يؤمن أن يكون رده للبدعة ببدعة أخرى.

كتبه : الشيخ علي بن يحيى الحدادي

Visits: 70