الشاب على أول نشأته

Home / الرئيسية / الشاب على أول نشأته
الشاب على أول نشأته
الحمد لله الذي منّ على أوليائه بالتأييد والإسعاد ، وقضى على أعدائه بالخذلان والإبعاد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له شهادة أَدّخرها ليوم التناد ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صفوة العباد ، أرسله الله رحمة للعالمين وحجة على أهل الشقاق والعناد ، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وبالغ في البيان والإرشاد .
أما بعد:-
قال أحمد بن حنبل:” إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه ، وإذا رأيته مع أصحاب البدع فايئس منه فإن الشاب على أول نشوئه“انتهى
لما كان الإنسان يتأثر أثراً بالغاً بأصحابه كان على العاقل الذي يريد السلامة لنفسه في الدنيا والسعادة لها في الآخرة ألا يصاحب إلا من تنفعه صحبته وتزينه.

وأن يحذر من مصاحبة من تضره صحبته وتشينه ، قال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” رواه أبو داوود والترمذي
وقال الأصمعي رحمه الله:” ما رأيت شعراً أشبه بالسنة من قول عدي بن ثابتعن المرء لا تسأل وسل عن قرينـه 
فكل قرين بالمقارن يقـتدي.

ومن الناس من تخدعك صورته وحسن منطقه وظاهر حاله وهو ينطوي على شر وخبث كالريحانة حسنة الريح مرة الطعم فمتى رأيت مثل ذلك فيمن تصاحب فأسرع الهرب وبادر إلى النجاة فإن صحبته شر ولا يلبّس عليك الشيطان فيقول صاحبه وترفق به لعله أن يصلح.
ولهذا نصح أئمة السلف كل مسلم ومسلمة أن يحذر أهل البدع والأهواء وأن يتجنبوا مصاحبتهم ومخالطتهم والتتلمذ عليهم حفظاً للدين الذي هو رأس المال.

وروى محمد بن وضاح بإسناده عن إبراهيم النخعي أنه قال : لا تجالسوا أصحاب البدع ولا تكلموهم فإني أخاف أن ترتد قلوبكم .
وروى بإسناده أيضا عن سفيان الثوري أنه قال : من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث إما أن يكون فتنة لغيره وإما أن يقع في قلبه شيء فيزل به فيدخله الله النار وإما أن يقول والله ما أبالي ما تكلموه وإني واثق بنفسي فمن أَمِـن الله على دينه طرفة عين سلبه إياه .
وقد أجاب على هذا السؤال فضيلة الشيخ الإمام: محمد بن صالح العثيمين -رحمه اللهسلسلة لقاء الباب المفتوح/ شريط رقم: (162)ما حكم حضور دروس أهل البدع ؟
الجواب:إذا كان يحضر دروس أهل البدعة من أجل أن يناقشهم ويبن لهم الحق والصواب فهو واجب.وإذا كان يريد أن يتعلم منهم فلا يتعلم منهم، حتى لو كان في غير العقيدة، حتى لو كان يدرسهم في النحو أو البلاغة.. لا تـقـربهم؛ لأنهـم قد يدسون السم في الدسم، وأيضاً إذا حضرتهم ربما يغتر بك أحد من الناس؛ يقول هؤلاء ليس في حضور دروسهم بأس.
وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة كتب أهل الكتاب لما فيها من تحريف وقول على الله بلا علم كما في حديث عمر بن الخطاب الذي أخرجه الإمام احمد والبغوي في (شرح السنة)وحسنه الألباني:(أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال عليه الصلاة والسلام:( أمتهوكون كما تهوكت اليهود والنصارى، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولوكان موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي).ومعنى (متهوكون) أي: متحيرون انتم في الإسلام حتى تأخذون من اليهود والنصارى
لذلك قال الذهبي رحمه الله(لا يشرع لأحد بعد نزول القرآن أن يقرأ التوراة وأما النظر لغرض الرد على أهل الكتاب فلا حرج) انتهى.
فلذلك نهى السلف عن قراءة كتب أهل الأهواء
قال الأمام احمد:(إياكم أن تكتبوا عن أحد من أصحاب الأهواء قليلاً ولا كثيراً عليكم بأصحاب الآثار والسنن.(
وكان أبو حاتم وأبو زرعة (ينهيان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين)
فان دعاة الضلال ، لا يأتون للناس بالدعوة إلى الشر المكشوف ، إنما يأتونهم بطريقة مزخرفة يحسنونها للناس ، ثم في النهاية يحصل لهم مقصدهم ، ودعاة الضلال لما دعوا الناس إلى الشرك بعبادة الأضرحة لم يقولوا لهم : اعبدوها ، بل قالوا لهم : هؤلاء أولياء وصالحون ، لهم مكانة عند الله ، فأنتم تقربوا إليهم من أجل أن يقربوكم إلى الله ، ويكونوا وسائط ووسائل لكم عند الله – عز وجل – ، جاءوهم بهذه الطريقة ، وهي محبة الصالحين واتخاذهم وسائل ووسائط عند الله – عز وجل – ، فعبدوا القبور والأضرحة بهذه الخديعة الشيطانية ، وأشركوا بالله – عز وجل – . فأهل البدع والاهواء يدعون الناس بأساليب مختلفة ، لا يظهر عليها شيء من الانتقاد ، ولا يعرفها إلا أهل البصيرة .
أقول :تبدأ معهم ببدعه صغيره ثم تكبر وتفرّخ بدعاً كثيرةً حتى يصبح قلبك اسودا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا فاذا جاء الشرك وقعتَ في شباكه فيفرح بذلك ابليس وأعوانه نسأل الله العفو والعافيه

Visits: 169